المادة    
قال رحمه الله: [ولهذا فضح الله من كذب على رسوله في حياته وبعد وفاته] أي: الفضيحة التي ينالها من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته هي من الأدلة على هذه الحكمة لله تبارك وتعالى، وأن الله عز وجل حافظ دينه، ثم قال رحمه الله: [وبين حاله للناس].
  1. قول سفيان بن عيينة: (ما ستر الله أحداً...)

    قال: [قال سفيان بن عيينة رحمه الله: [ما ستر الله أحداً يكذب في الحديث] ]. فالمشاهد في أحوال الناس أن رجلاً قد يكذب على ملك من الملوك، أو عظيم من العظماء، ويمكن له أن يعيش ويذكر ويحمد، وربما ظل ذلك قروناً قد يعلم وقد لا يعلم، وإذا علم يعلم بعد انقضاء الأمر وانتهائه، فلا يفيد ذلك شيئاً، أما من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى يفضحه في الدنيا والآخرة؛ لأنه كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إن كذباً عليَّ ليس ككذب على غيري )؛ لأن كلامه صلى الله عليه وسلم بلاغ عن الله عز وجل، فمن كذب على رسول الله فقد نسب إلى الله ما لم يشرعه، وما لم يأذن به، وما لم يأمر به؛ فلذلك الله تبارك وتعالى بنفسه يفضح ويبين كذب هذا المفتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالوضاعون من أشهر الناس، وأعرف الناس، وإذا تأمل الإنسان، الكتب الذي تعرضت للأحاديث الموضوعة أو تعرضت للرجال مثل: كتاب المجروحين أو غيره يعجب مما يصف به بعض العلماء كذب هؤلاء الكذابين، إذ إنهم كانوا غاية في الكذب والعياذ بالله، وقد أخزاهم الله تعالى، وفضحهم في الدنيا وكذلك هم في الآخرة.
  2. قول عبد الله بن المبارك: (لو هم رجل في السحر أن يكذب في الحديث...)

    قال: [وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: [ لو هم رجل في السحر أن يكذب في الحديث ] ] أي: قال: سأكذب غداً، سأجلس ضحىً أو بعد صلاة الفجر، وأقول للناس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، قال: [ [لأصبح والناس يقولون: فلان كذاب ] ]<\m> فانظر إلى حكمة الله عز وجل، لو هم أن يكذب في السحر قبل أن يصبح فينشر الحديث الذي يضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصبح الناس يقولون: فلان كذاب. إذ إن الله في قلوب أهل الصنعة وأهل الخبرة أن هذا كذاب؛ ولذلك يوجد ممن يوصف بالكذب والوضع في الحديث أئمة في الزهد وفي العبادة وفي الصلاح وفي الذكر لكن كان بعضهم يقول: أنا أضع الحديث للرسول عليه الصلاة والسلام لا عليه! أي: أنه يضع الحديث لمصلحة الدين أو لمصلحة الرسول، ومن ذلك: الأحاديث الموضوعة التي توردها بعض كتب التفسير في فضائل سور القرآن سورةً سورة، فهذه من الموضوعات المعروفة عند أهل الفن، فهؤلاء يقولون: رأينا الناس قد انصرفوا عن كتاب الله، فوضعنا هذه الأحاديث حتى يقبل الناس على القرآن، ومع ذلك لم يشفع لهم هذا المقصد، وإن كانوا يظنون أنه حسن فهو خبيث، بل ولم يشفع لهم زهدهم وعبادتهم وتنسكهم وتبتلهم، وإنما يقال: عابد وزاهد ولكنه يضع الحديث، وهذا مشهور جداً في كتب الرجال كما في الميزان و لسان الميزان و المجروحين وغير ذلك.